وفيها قول ثالث: قال سعيد بن المسيب: إذا دخل بالمرأة فى بيتها صدق عليها، وإذا دخلت عليه فى بيته صدقت عليه، وهو قول مالك، واحتج أصحابه، فقالوا: تفسير قول سعيد بن المسيب أنها تصدق عليه فى بيته؛ لأن البيت فى البناء بيت الرجل وعليه الإسكان، فدخلوها فى بيته هو دخول بناء، ومعنى قوله: (فى بيتها) ، يريد إذا زارها فى بيتها عند أهلها أو وجدها ولم يدخل عليها دخول بناء، فادعت أنه مسها وأنكر فالقول قوله؛ لأنه مدعى عليه، وهذا أصله فى المتداعين أن القول قول من شبهته قوية كاليد وشبهها. قال مالك: فإذا دخل بها فقبلها أو كشفها واتفقا أنه لم يمسها، فلها نصف الصداق إن كان ذلك قريبًا، وإن تطاول مكثه معها ثم طلقها، فلها المهر كاملاً، وعليها العدة أبدًا. وروى ابن وهب، عن مالك أنه رجع عن قوله فى الموطأ، فقال: إذا خلا بها حيث كان فالقول قول المرأة. وذكر ابن القصار عن الشافعى أنه إذا دخل بها، فقال: لم أطأ، وقالت: وطئنى، فالقول قول الزوج؛ لأن الخلوة غير المسيس الذى يوجب المهر. وروى ابن علية، عن عوف، عن زرارة بن أوفى، قال: مضى الخلفاء الراشدون المهديون أنه من أغلق بابًا أو أرخى سترًا فقد وجب المهر والعدة، بهذا احتج الكوفيون بأنه معلوم أنه لا يرخى الستر فى الغالب إلا للوطء، فهى دلالة عليه. وقوله فى الترجمة: وكيف الدخول أو طلقها قبل الدخول، تقديره: أو كيف طلاقها؟ فاكتفى بذكر الفعل عن ذكر المصدر لدلالته عليه، كقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة