وطئها فى طهر لم يتهيأ له أن يطلقها فيه؛ لأنه قد نهى أن يطلقها فى طهر قد مسها فيه حتى تحيض بعده ثم تطهر، فإذا طلقها بعد ذلك استأنفت عدتها من ذلك الوقت ولم تبن. وقالوا: إن الطهر الثانى جعل للإصلاح الذى قال الله تعالى: (وبعولتهن أحق بردهن فى ذلك إن أرادوا إصلاحًا) [البقرة: 228] ؛ لأن حق المرتجع ألا يرتجع رجعة ضرار؛ لقوله تعالى: (ولا تمسكوهن ضرارًا لتعتدوا) [البقرة: 231] ، قالوا: فالطهر الأول فيه الإصلاح بالوطء ولا تعلم صحة المراجعة إلا بالوطء؛ لأنه المبتغى بالنكاح والمراجعة فى الأغلب، فكان ذلك الطهر مرادًا للوطء الذى تستيقن به المراجعة. فإذا مسها لم يكن له سبيل إلى طلاقها فى طهر قد مسها فيه للنهى عن ذلك، ولإجماعهم على أنه لو فعل ذلك كان مطلقًا لغير العدة، فقيل له: دعها حتى تحيض أخرى ثم تطهر، ثم تطلق إن شئت قبل أن تمس. وقد جاء هذا المعنى منصوصًا عن ابن عمر من حديث قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الرحيم، قال: حدثنا معن بن عبد الرحمن الواسطى، قال: حدثنا عبد الحميد ابن جعفر، قال: حدثنى نافع، عن ابن عمر، أنه طلق امرأته وهى فى دمها حائض، فأمره رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يراجعها، فإذا طهرت مسها حتى إذا طهرت أخرى، فإن شاء طلقها، وإن شاء أمسكها. قالوا: ولو أبيح له أن يطلقها بعد الطهر من تلك الحيضة كان قد أمر أن يراجعها ليطلقها، فأشبه النكاح إلى أجل أو نكاح المتعة، فلم يجعل له ذلك حتى يطأ.