ولذلك قال ابن عمر: وأى وضوء أعم من الغسل؟ فلما ناب غسل مواضع الوضوء وهى سنة فى الجنابة عن غسلها فى الجنابة، وغسل الجنابة فريضة، صح بذلك قول مطرف، وابن الماجشون، وابن كنانة، وابن وهب، وابن نافع، وأشهب: أن غسل الجمعة يجزئ عن غسل الجنابة، ورووه كلهم عن مالك، وهى خلاف رواية ابن القاسم. قال المهلب: ووجه ذلك أن النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، لما اجتزأ بغسل أعضاء الوضوء عن أن يغسلها مرة أخرى للجنابة، دل أن الطهارة إذا نوى بها رفع الحدث أجزأت عن كل معنى يراد به استباحة الصلاة، ولهذا الحديث، والله أعلم، قال عطاء: إذا غسلتُ كفَّىَّ قبل إدخالهما الإناء لم أغسلهما مع الذراعين فى الوضوء. وفى هذا الحديث أيضًا حجة لأحد قولى مالك فى رجل توضأ للظهر، ثم صلى، ثم أراد أن يجدد الوضوء للعصر للفضل، فلما صلى العصر، ذكر أن الوضوء الأول قد انتقض، فقال مرة: تجزئه صلاته، وقال مرة: إنها لا تجزئه. والصواب أنها تجزئه، لأن الوضوء عنده للسنن تجزئ به صلوات الفرائض، ومثل هذه المسألة اختلاف ابن القاسم، وابن الماجشون، فيمن صلى فى بيته، ثم صلى تلك الصلاة فى المسجد، فذكر أنه كان صلى فى بيته على غير وضوء، فقال ابن القاسم: تجزئه. وقال ابن الماجشون: لا تجزئه. وقول ابن القاسم الصواب بدليل هذا الحديث، فإنه وإن كان صلاها على طريقة الفضيلة، فإنه نوى بها تلك الصلاة بعينها والقربة إلى الله بتأديتها، كما نوى بغسل يديه وغسل مواضع الوضوء القربة إلى الله، ولم يحتج إلى إعادتها فى الغسل من