لا يأتى المؤمن ما حرم الله) ، وقوله فى حديث سعد: (لأنا أغير من سعد، والله أغير منى) ، ومعنى ذلك أنه لزجور عن المحارم وأنا أزجر منه، والله أزجر من الجميع عما لا يحل، وكذلك قوله: (غارت أمكم) ، أى زجرت عن إهداء ما أهدت صاحبتها. قال المهلب: وأما نقل النوى وسياسة الفرس وخرز الغرب، فلا يلزم المرأة شىء من ذلك إلا أن تتطوع به، كما تطوعت أسماء. قال ابن حبيب: وكذلك الغزل والنسج ليس للرجل على امرأته ذلك بحال إلا أن تتطوع، وليس عليه إخدامها إذا كان معسرًا، وإن كانت ذات قدر وشرف، وعليها الخدمة الباطنة كما هى على الدنية، وهكذا أوضح لى ابن الماجشون وأصبغ، وسأتقصى مذاهب العلماء فى هذه المسألة فى كتاب النفقات بعد هذا، إن شاء الله. قال المهلب: وفى حديث أسماء من الفقه أن المرأة الشريفة إذا تطوعت من خدمة زوجها بما لا يلزمها كنقل النوى وسياسة الفرس أنه لا ينكر ذلك عليها أب ولا سلطان. وفيه: إرداف المرأة خلف الرجل وحملها فى جملة ركب من الناس، وليس فى الحديث أنها استترت، ولا أن النبى (صلى الله عليه وسلم) أمرها بذلك، فعلم منه أن الحجاب إنما هو فرض على أزواج النبى، عليه السلام، خاصة كما نص الله فى القرآن بقوله: (يا نساء النبى) [الأحزاب: 32] . وفيه: غيرة الرجل عند ابتذال أهله فيما يشق عليهن من الخدمة، وأنفة نفسه من ذلك، لاسيما إذا كانت ذات حسب وأبوة، وكذلك عز على النبى (صلى الله عليه وسلم) إفراط امتهانها ولم يلمها على ذلك، ولا وبخ الزبير على تكليفه لها ذلك لما علم من طيب نفسها به.