مَا كُنْتَ تَعْهَدُ؟ فَلَمَّا رَأَى عَبْدُاللَّهِ أَنْ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى هَذَا أَشَارَ لَىّ، فَقَالَ: يَا عَلْقَمَةُ، فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ، وَهُوَ يَقُولُ: أَمَا لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ، لَقَدْ قَالَ لَنَا النَّبِىُّ عَلَيْهِ السَّلام: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ) . وترجم له: (باب من لم يستطع الباءة فليصم) . ذهب جماعة الفقهاء إلى أن النكاح مندوب إليه مرغب فيه، وذهب أهل الظاهر إلى أنه فرض على الرجل والمرأة مرة فى الدهر إن كان الرجل واجدًا لطول الحرة، وإن عدم لزمه نكاح الأمة، واحتجوا بظاهر هذا الحديث، وحملوا أمره عَلَيْهِ السَّلام بالنكاح على الإيجاب، قالوا: ولكنه أمر لخاص من الناس، وهم الخائفون على أنفسهم العنت بتركهم النكاح، فأما من لم يخف العنت، فهو غير مراد بالحديث. قالوا: وقد بين صحة قولنا إخباره عَلَيْهِ السَّلام عن السبب الذى من أجله أمر الذى يستطيع الباءة بالنكاح، وذلك قوله: (فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج) ، فمن قدر على غض بصره عن المحارم، وتحصين فرجه فغير فرض عليه النكاح، ومن كان غير قادر على ذلك وخشى مواقعة الحرام، فالنكاح فرض عليه لأمر النبى، عَلَيْهِ السَّلام، إياه به. واحتج أهل المقالة الأولى بقوله: (ومن لم يستطع فعليه بالصيام) ، وإذا كان الصوم الذى هو بدل عن النكاح ليس بواجب فمبدله مثله، وأيضًا فإن جماعة من الصحابة تركوه وهم قادرون