قال المهلب: فى هذا الحديث من الفقه أن النكاح من سنن الإسلام، وأنه لا رهبانية فى شريعتنا، وأن من ترك النكاح رغبة عن سنة محمد، عَلَيْهِ السَّلام، فهو مذموم مبتدع، ومن تركه من أجل أنه أوفق له وأعون على العبادة فلا ملامة عليه؛ لأنه لم يرغب عن سنة نبيه وطريقته، وفيه الاقتداء بالأئمة فى العبادة، والبحث عن أحوالهم وسيرهم فى الليل والنهار، وأنه لا يجب أن يتعدى طرق الأئمة الذين وضعهم الله ليقتدى بهم فى الدين والعبادة، وأنه من أراد الزيادة على سيرهم فهو مفسد، فإن الأخذ بالتوسط والقصد فى العبادة أولى حتى لا يعجز عن شىء منها، ولا ينقطع دونها، لقوله عَلَيْهِ السَّلام: (خير العمل ما دام عليه صاحبه وإن قل) . وفى تفسير عائشة للآية من الفقه ما قال به مالك من صداق المثل، والرد إليه فيما فسد صداقه، ووقع الغبن فى مقداره؛ لقولها: من سنة صداقها، فوجب أن يكون الصداق معروفًا لكل طبقة من الناس على قدر أحوالهم، وقد قال مالك: للناس مناكح قد عرفت لهم، وعرفوا بها، أى أن للناس صدقات وأكفاء، فإذا كان الله قد نهى عن نكاح اليتيمة حتى يبلغها صداق مثلها، فوجب ألا يجوز نكاح بقبضة تبن، ولا بما لا خطر له ولا حطب، كما قال بعض الناس، والذى أصله مالك فى أقل الصداق، وهو الذى يؤدى إليه النظر على كتاب الله،