وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: هَذِهِ عَارِيَّةٌ، وَإِنْ قَالَ: كَسَوْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ فَهُوَ هِبَةٌ. / 9 - وفيه: أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ النَّبِىّ، عَلَيْهِ السَّلام: (هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ بِسَارَةَ، فَأَعْطَوْهَا هَاجَرَ، فَرَجَعَتْ، فَقَالَتْ: أَشَعَرْتَ أَنَّ اللَّهَ كَبَتَ الْكَافِرَ، وَأَخْدَمَ وَلِيدَةً) . وَقَالَ مرة: (فَأَخْدَمَهَا هَاجَرَ) . لا أعلم خلافًا بين العلماء أنه إذا قال له: أخدمتك هذه الجارية، أو هذا العبد أنه قد وهب له خدمته لا رقبته، وأن الإخدام لا يقتضى تمليك الرقبة عند العرب، كما أن الإسكان لا يقتضى تمليك رقبة الدار، وليس ما استدل به البخارى من قوله: فأخدمها هاجر، بدليل على الهبة، وإنما تصح الهبة فى الحديث من قوله: (فأعطوها هاجر) ، فكانت عطية تامة. واختلف ابن القاسم وأشهب فيمن قال: وهبت خدمة عبدى لفلان، فقال ابن القاسم: يخدمه حياة العبد، فإن مات فلان فلورثته خدمة العبد ما بقى العبد، إلا أن يستدل من قوله أنه أراد حياة المخدم، ولا تكون هبة لرقبة العبد، وقال أشهب: إذا قال: وهبت خدمة عبدى لفلان، فإنه يحمل على أنه حياة فلان، ولو كانت حياة العبد كانت هبة لرقبته. وقول ابن القاسم أصح من قول أشهب؛ لأنه لا يفهم من هبة الخدمة هبة الرقبة، والأموال لا تستباح إلا بيقين.