الرقبة لم يصح، كذلك إذا قال: أعمرتك؛ لأنه علقه بوقت مقيد، وهو عمره. وأما حديث أبى سلمة الذى احتجوا به، فهو حجة عليهم، وذلك أن المعمر إذا أعمر زيدًا وعقبه، فليس له أن يرجع فيما أعطى زيدًا، فكذلك فيما أعطى عقبه، والكوفى خالف هذا الحديث، ولم يقل بظاهره كما زعم؛ لأنه يقول: إن للمعمر بيع الشىء الذى أعمره، ومنع ورثته منه، وهذا خلاف شرط المعمر؛ لأنه أعطى عقبه كما أعطاه، وليس هو بأولى بالعطية من عقبه، وهو معنى قوله عَلَيْهِ السَّلام: (لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث) ، يعنى التداول للمنفعة لا ميراث الرقبة. وقد قال تعالى: (وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم) [الأحزاب: 27] ، فلم يملكوها بالمواريث التى فرض الله، وإنما أخذوا منهم ما كان فى أيديهم، فكذلك العقب فى العمرى يأخذ ما كان لأبيه بعطية المالك. واختلفوا فى الرقبى، فأجازها أبو يوسف والشافعى كأنها وصية عندهم. وقال مالك، والكوفيون، ومحمد: لا تجوز، واحتجوا بما رواه حبيب بن أبى ثابت، عن ابن عمر، أن النبى، عَلَيْهِ السَّلام، نهى عن الرقبى، وقال: (من أرقب رقبى فهى له) ، والرقبى عند مالك: أن يقول للرجل: إن مت قبلك فدارى لك، وإن مت قبلى فدارك لى، فكأن كل واحد منهما يقصد إلى عوض لا يدرى هل يحصل له، ويتمنى كل واحد منهما موت صاحبه، وليس كذلك العمرى؛ لأن المعمر لا يقصد عوضًا عن الذى أخرج عن يده.