قال غيره: ومن الدليل على أن النبى، عَلَيْهِ السَّلام، ربما قال الشىء أو فعله، وليس بالأفضل عنده، لما يريد من تنكيل الناس وعقوبتهم، أنه عَلَيْهِ السَّلام نهاهم عن الوصال فلم ينتهوا، فواصل يومًا ثم يومًا حتى رأوا الهلال، وقال: (لو تأخر لزدتكم) ، كالمنكل بهم حين أبوا أن ينتهوا، ومثله قوله يوم الطائف: (إنا قافلون غدًا إن شاء الله) ، فقال الناس: قبل أن نفتحها؟ قال: (فاغدوا على القتال) ، فغدوا فأصيبوا بجراحات، فقال عَلَيْهِ السَّلام: (إنا قافلون غدًا إن شاء الله) ، فسروا بذلك. وفيه: أن النبى (صلى الله عليه وسلم) كان إذا أراد أن يعاقب فى أمر يكون تأديبًا لمن عاقبه عليه، خطب الناس قائمًا؛ ليكون أثبت فى قلوبهم وأردع لمن أراد مثل ذلك. وفيه: دليل أن المكاتب عبد ما لم يؤد وما بقى عليه درهم، روى ذلك عن عمر بن الخطاب، وابن المسيب، والقاسم، وسالم، وعطاء، وهو قول مالك، والثورى، والكوفيين، والأوزاعى، والشافعى، وأحمد، وإسحاق. قال مالك: وكل من أدركنا من أهل العلم ببلدنا يقولون ذلك. وفيها قول آخر روى عن على بن أبى طالب: أنه إذا أدى نصف كتابته عتق. قال ابن مسعود: لو كانت الكتابة مائتى دينار، وقيمة العبد مائة دينار، فأدى العبد المائة التى من قيمته عتق، وهو قول النحعى، وعن ابن مسعود: إن أدى ثلث الكتابة عتق، وهو قول شريح. وحجة الجماعة أن النبى، عَلَيْهِ السَّلام، أجاز بيع المكاتب بقوله: