تجوز قليلة كانت أو كثيرة، وأنه ليس فى ذلك حد لا يتجاوز، ولو كان قول الشافعى صحيحًا أن الكتابة لا تجوز على أقل من نجمين؛ لجاز لغيره أن يقول: لا تجوز على أقل من خمسة نجوم؛ لأن أقل النجوم التى كانت على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فى بريرة، وعلم بها وحكم فيها، كانت خمسة، وكان صواب الحجة أولى. وأيضًا فإن النجم الثالث لما لم يكن شرطًا فى صحة الكتابة بإجماع، فكذلك النجم الثانى؛ لأن كل واحد منهما له مدة يتعلق بها تأخير مال الكتابة، فإذا لم يكن أحدهما شرطًا وجب أن لا يكون الآخر كذلك، ولما أجمعوا أنه لو قال له: إن جئتنى من المال بكذا إلى شهر أنه جائز وليس بكتابة، فكذلك ما أشبهه من الكتابة. وقد احتج بقوله، عَلَيْهِ السَّلام، فى هذا الحديث: (وعليها خمس أواق نجمت عليها فى خمس سنين) ، من أجاز النجامة فى الديون كلها، على أن يقول: فى كل شهر كذا، وفى كل عام كذا، ولا يقول: فى أول الشهر، ولا فى وسطه، ولا فى آخره؛ لأنه لم يذكر فى الحديث فى أى وقت يحل النجم فيه، ولم ينكر النبى، عَلَيْهِ السَّلام، ذلك. وأبى هذا القول أكثر الفقهاء، وقالوا: لابد أن يذكر أى شهر من السنة يحل النجم فيه، أو أى وقت من الشهر يحل النجم فيه، فإن لم يذكر ذلك فهو أجل مجهول لا يجوز؛ لأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) نهى عن البيع إلا إلى أجل معلوم، ونهى عن حبل الحبلة، وهو نتاج النتاج. وليس تقصير من قصر عن نقل هذا المعنى فى حديث بريرة بصائر لتقرر هذا المعنى عندهم.