على أخيه مظلمة وعليه له مظلمة، ولم يكن فى شىء منها ما يستحق عليه النار فيتقاصون بالحسنات والسيئات، فمن كانت مظلمته أكثر من مظلمة أخيه أخذ من حسناته فيدخلون الجنة، ويقتطعون فيها المنازل على قدر ما بقى لكل واحد منهم من الحسنات، فلهذا يتقاصون بالحسنات بعد خلاصهم من النار - والله أعلم - لأن أحدًا لا يدخل الجنة ولأحد عليه تبعة، فإن قلت: إذا نقوا وهذبوا دخلوا الجنة. وقوله: (فوالذى نفس محمد بيده لأحدهم بمسكنه فى الجنة أدل بمنزله كان فى الدنيا) وإنما عرفوا منازلهم فى الجنة بتكرير عرضها عليهم بالغداة والعشى، فقد أخبرنا عليه السلام أن المؤمن إذا كان من أهل الجنة عرض عليه مقعده منها بالغداه والعشى، فيقال له: هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة. وقال المهلب: هذه المقاصة إنما تكون فى المظالم فى الأبدان من اللطمة وشبهها مما المظالم فيه ممكن لأداء القصاص فيه بحضور بدنه، فيقال للمظلوم: إن شئت أن تنتصف، وإن شئت أن تعفو للأجر. وقال غيره: الآثار تدل على أنه لا قصاص فى الآخرة فى العرض والمال وغيره إلا بالحسنات والسيئات، فمن ظلم غيره وكانت له حسنات أخذ منها وزيدت فى حسنات المظلوم، وإن لم يكن للظالم حسنات أخذ من سيئات المظلوم وردت على الظالم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015