قال الشافعى، وروى عن مالك: إن كان شىء له بال فأخذه وتعريفه أحب إلى. وحجة القول الأول حديث جرير أن النبى - عليه السلام - قال: (لا يأوى الضالة إلا ضال) وحديث الجارود أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال: (ضالة المؤمن حرق النار) . وحجة من رأى أن تعريفها أفضل قول النبى، عليه السلام، للذى سأله عن اللقطة: (أعرف عفاصها ووكاءها) ، فأمره بتعريفها ولم يقل له: لم أخذتها؟ وذلك دليل على أن الفضل فى أخذها وتعريفها لأن تركها عون على ضياعها ومن الحق النصيحة للمسلم، وأن يحوطه فى ماله بما أمكنه، وتأويل قوله عليه السلام: (لا يأوى الضالة إلا ضال) و (ضالة المؤمن حرق النار) أن المراد بذلك من لم يعرفها وأراد الانتفاع بها حتى لا تتضاد الأخبار. قال الطحاوى: ويدل على ذلك ما روى يحيى بن أيوب قال: حدثنى عمرو بن الحارث، أن بكر بن سوادة، حدثه عن أبى سالم الجيشانى، عن زيد بن خالد الجهنى قال: قال رسول الله: (من أوى الضالة فهو ضال ما لم يعرفها) . وروى شعبة عن خالد الحذاء، عن يزيد بن عبد الله بن الشخير، عن أبى مسلم، عن الجارود قال: (أتينا على رسول الله ونحن على إبل عجاف فقلنا: يا رسول الله، إنا نمر بالجدف فنجد إبلا فنركبها؟ فقال: ضالة المسلم حرق النار) فكان سؤالهم عن أخذها إنما هو لأن يركبوها، فأجابهم عليه السلام بأن قال: (ضالة المسلم حرق النار) ، أى: ضالة المسلم حكمها أن تحفظ على صاحبها حتى تؤدى إليه، لا لأن ينتفع بها لركوب ولا غيره.