فعارضهم الأولون، فقالوا: محال أن يأمرهم (صلى الله عليه وسلم) بشرب أبوالها وهى نجسة، لأن الأنجاس محرمة علينا، وقد سئل (صلى الله عليه وسلم) عن الاستشفاء بالخمر، فقال: تمت ذلك داء، وليس بشفاء -. وقال ابن مسعود: ما كان الله ليجعل فيما حرم شفاء. فثبت أن بول الإبل الذى جعله دواء، أنه طاهر غير محرم. قاله الطحاوى. وقال ابن القصار: ومن جهة النظر أنا قد اتفقنا أن ريق ما يؤكل لحمه وعرقه طاهر، والمعنى فيه أنه مائع مستحيل من حيوان مأكول اللحم ليس بدم ولا قيح، فكذلك بوله. وذهب ابن علية، وأهل الظاهر إلى أن بول كل حيوان، وإن كان لا يؤكل لحمه طاهر غير ابن آدم. وروى مثله عن الشعبى، ورواية عن الحسن، وخالفهم سائر العلماء. وقول البخارى فى الترجمة: تمت باب أبوال الإبل والدواب -. وافق فيه أهل الظاهر، وقاس أبوال ما لا يؤكل لحمه على أبوال الإبل ولذلك قال: تمت وصلى أبو موسى فى دار البريد، والسرقين -، ليدل على طهارة أرواث الدواب وأبوالها، ولا حجة له فيه بينة، لأنه يمكن أن يصلى فى دار البريد على ثوب بَسطه فيه، أو فى مكان يابس لا تعلق به نجاسة منه. وقد قال عامة الفقهاء: إن من بسط على موضع نجس بُساطًا وصلى عليه أن صلاته جائزة.