قال المؤلف: فهذا يدل أن الذى أراد أن يقطع النبى - عليه السلام - للأنصار من البحرين لم تكن نفس الأرض، لأنها كانت أرض صلح يؤدى أهلها الجزية عليها، وإنما أراد أن يقطع لهم مالا يأخذونه من جزية البحرين، لأن الجزية تجرى مجرى الخراج والخمس، فيجوز أخذها للأغنياء، وليست تجرى مجرى الصدقة. وقوله: (فلم يكن ذلك عند النبى) يعنى: فلم يرد ذلك النبى - عليه السلام - لأنه كان قد أقطع المهاجرين أرض بنى النضير حين أجلوها وليستغنوا عن رفد الأنصار ومشاركتهم، وردوا إليهم منائحهم. قال المهلب: وقوله عليه السلام للأنصار: (إنكم سترون بعدى أثرة فاصبروا حتى تلقونى) يدل أن الخلافة لا تكون فى الأنصار، ألا ترى أنه جعلهم تحت الصبر إلى يوم يلقونه، والصبر لا يكون إلا من مغلوب محكوم عليه.
/ 20 - فيه: أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ الرسول (صلى الله عليه وسلم) : (مِنْ حَقِّ الإِبِلِ أَنْ تُحْلَبَ عَلَى الْمَاءِ) . قال المهلب: قوله عليه السلام: (من حق الإبل أن تحلب على الماء) يعنى الحق المعهود المتعارف بين العرب من التصدق باللبن على المياه إذ كانت طوائف الضعفاء والمساكين ترتصد يوم ورود الإبل على المياه لتنال من رسلها وتشرب من لبنها، وهذا حق حلبها على الماء، لا أنه فرض لازم عليهم، وقد تأول بعض السلف فى قوله تعالى: (وآتوا حقه يوم حصاده (قال: هو أن