الأمر عندنا فى النخل أنها تساقى السنتين والثلاث والأربع وأقل وأكثر. وأجازها أصحاب مالك فى عشر سنين فما دونها، وقال محمد بن الحسن: إذا ساقاه ولم يسم سنين معلومة كان ذلك على سنة واحدة. وهو قول أبى ثور، وهو يشبه قول ابن الماجشون فيمن اكترى دارًا مشاهرة أنه يلزمه شهر واحد، لأن النبى - عليه السلام - أقر اليهود على أن لهم النصف، وهذا يقتضى سنة واحدة حتى يتبين أكثر منها. ولا حجة لمن دفع المساقاة فى قوله عليه السلام لليهود: (أقركم ما أقركم الله) ، ولم يذكر أجلا، لأنه عليه السلام كان يرجو أن يحقق الله رغبته فى إبعاد اليهود من جواره، لأنه امتحن معهم فى شأن القبلة فكان مرتقبًا للوحى فيهم، فقال لهم: (أقركم ما أقركم الله) منتظراُ للقضاء فيهم، فلم يوح إليه فى ذلك حتى حضرته الوفاة فقال: (لا يبقين دينان بأرض العرب) . فقوله عليه السلام: (أقركم ما أقركم الله) لا يوجب فساد عقد النبى - عليه السلام - ويوجب فساد عقد غيره بعده، لأنه عليه السلام كان ينزل عليه الوحى بتقرير الأحكام ونسخها، فكان بقاء حكمة موقوفًا على تقرير الله له، وكان بقاؤه ما أقره الله، وزواله إذا نسخه من مقتضى العقد، فإذا شرط ذلك فى عقده لم يوجب فساده، وليس كذلك صورته من غيره، لأن الأحكام قد ثبتت وتقررت. ومساقاة رسول الله اليهود على نصف الثمر يقتضى عموم جميع الثمر، ففيه حجة لمن أجاز المساقاة فى الأصول كلها، وهو قول ابن أبى ليلى، ومالك، والثورى، والأوزاعى، وأبى يوسف، ومحمد،