أعلمهم أخبرنى - يعنى ابن عباس - أن النبى - عليه السلام - لم ينه عنه، ولكن قال: (إن يمنح أحدكم أخاه خير له من أن يأخذ عليه خرجًا معلومًا) . وترجم لحديث ابن عمر باب (مزارعة اليهود) وقال فيه: (إن النبى - عليه السلام - أعطى خيبر اليهود على أن يعملوها ويزرعوها ولهم شطر ما خرج منها) . اختلف العلماء فى المزارعة من غير أجل، فكرهها مالك، والثورى، والشافعى، وأبو ثور حتى يسمى أجلا معلومًا. قال ابن المنذر: وقال أبو ثور: إذا لم يسم سنين معلومةً فهو على سنة واحدة، وحكى عن بعض الناس أنه قال: أجيز ذلك استحسانًا، وأدع القياس. وقال ابن المنذر: قال بعض أصحابنا: ذلك جائز واحتج بقوله عليه السلام: (نقركم ما شئنا) ، وفى ذلك دليل على إجازة دفع النخل مساقاة والأرض مزارعة من غير ذكر سنين معلومة، فيكون لصاحب الأرض والنخل أن يخرج المساقى والزارع من الأرض والنخل متى شاء، وفى ذلك دلالة أن المزارعة بخلاف الكراء، ولا يجوز فى الكراء أن يقول: أخرجك عن أرضى متى شئت. ولا خلاف بين أهل العلم أن الكراء فى الدور والأرضين لا يجوز إلا وقتًا معلومًا، وقول أبى ثور حسن؛ لأن معاملته - عليه السلام - اليهود بشطر ما يخرج منها يقتضى سنة واحدة حتى يبين أكثر منها، فلم تقع المدة إلا معلومة، وسأزيد فى الكلام فى هذه المسألة فى باب: (إذا قال رب الأرض: اقرك، ما أقرك الله) ، بعد هذا - إن شاء الله.