وأبى يوسف ومحمد وأحمد، هؤلاء أجازوا المزارعة والمساقاة، وكرهت ذلك طائفة، روى عن ابن عباس، وابن عمر، وعكرمة، والنخعى، وهو قول مالك وأبى حنيفة، والليث، والشافعى، وأبى ثور أنه لا تجوز المزارعة، وهى كراء الأرض بجزء منها، وتجوز عندهم المساقاة. وقال أبو حنيفة وزفر: لا تجوز المزارعة ولا المساقاة بوجه من الوجوه، وقالوا: المزارعة منسوخة بالنهى عن كراء الأرض بما يخرج منها، وهى إجارة مجهولة؛ لأنه قد لا تخرج الأرض شيئًا، وادعوا أن المساقاة منسوخة بالنهى عن المزابنة. وحجة أهل المقالة الأولى حديث ابن عمر: (أن النبى - عليه السلام - ساقى يهود خيبر على شطر ما يخرج من الأرض والثمر جميعًا) قالوا: والأرض أصل مال فيجوز أن يعطيها لمن يعمل فيها كالثمن سواء وكالقراض، واحتج الذين منعوا المزارعة بأنها كراء الأرض بما يخرج منها، وهو من باب الطعام بالطعام نسيئة، وقد نهى رسول الله عن المخابرة، والمحاقلة، وهى كراء الأرض بما يخرج منها، وقالوا: لا حجة لكم فى مساقاة النبى - عليه السلام - لأهل خيبر، لأن خلافنا لكم إنما هو إذا لم يكن فى الأرض شجر وكانت الأرض مفردة، والنبى - عليه السلام - إنما عامل أهل خيبر على النخل والشجر وكانت الأرض تبعًا للثمرة، وهذا يجوز عندنا، وأما إذا كانت الأرض مفردة فلا يجوز؛ لأنه يمكن إجارتها، ولا تدعو إلى مزارعتها ضرورة كما تدعو إلى مساقاة الثمر، ألا ترى أن بيع