قال غيره: فإن وجد فى بعض طرق هذا الحديث مقدار الشركة بين المهاجرين والأنصار فى الثمرة صير إليه، وإلا فظاهر اللفظ يقتضى عملهم على نصف ما تخرج الثمرة، لأن الشركة إذا أبهمت ولم يذكر فيها حد معلوم حملت على المساقاة. وروى عن مالك فى رجلين اشتريا سلعة فأشركا فيها ثالثاُ ولم يسميا له جزءا، أن السلعة بينهم أثلاثًا، فهذا يدل من قوله أنه لو كان المشرك واحدًا كانت بينهما نصفين. واختلف أهل العلم فى الرجل يدفع المال قراضاُ على أن للعامل شركاُ فى الربح، فقال الكوفيون: له فى ذلك أجر مثله، والربح والوضيعة على رب المال، وهو قول أحمد وإسحاق وأبى ثور، وقال ابن القاسم: يرد فى ذلك إلى قراض مثله. وقال الحسن البصرى وابن سيرين: له نصف الربح. وهو قول الأوزاعى وبعض أصحاب مالك. وحديث أبى هريرة فى هذا الباب يدل على صحة قول الحسن ومن وافقه، لأن من رد القراض فى ذلك إلى أجر مثله، أو إلى قراض مثله فعلته أنه فاسد إذ لم يعلم مقدار الشركة فى الربح، ولو كان كما قالوا لكانت مساقاة المهاجرين للأنصار فاسدة حين لم يسموا لهم مقدار ما يعملون عليه، والقراض عند أهل العلم أشبه شىء بالمساقاة، ومحال أن تكون مساقاة المهاجرين للأنصار عن أمر النبى (صلى الله عليه وسلم) ورأيه الموفق فاسدة.