عَلَى الْخَيْرِ، وحكيت له القول، فَقَالَ النَّبىُّ (صلى الله عليه وسلم) : (أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ، وَهُوَ كَذُوبٌ (ذَاكَ شَيْطَانٌ) . قال المهلب: قوله: فترك الوكيل شيئًا، يريد أن أبا هريرة ترك الذى حثا الطعام حين شكا إليه الحاجة، فأخبر النبى - عليه السلام - بذلك، فأجاز فعله ولم يرده. قال غيره: ففهم من ذلك الحديث أن من وكل على حفظ شئ، أو أؤتمن على مال فأعطى منه شيئًا لأحد أنه لا يجوز، وإن كان بالمعروف، لأنه إنما جاز فعل أبى هريرة لأجازة النبى - عليه السلام - له، لأنه عليه السلام لم يوكل أبا هريرة على عطاء، ولا أباح له إمضاء ما انتهب منه، وإنما وكله بحفظه خاصة. والدليل على صحة هذا التأويل أنه ليس لمن أؤتمن على شىء أن يتلف منه شيئًا، وأنه إذا أتلفه ضمنه إلا أن يجيزه رب المال، وفى تعلق جواز ذلك بإجازة رب المال دليل على صحة الضمان لو لم يجزه وهذا لا أعلم فيه خلافاُ بين الفقهاء. وأما قوله: وإن أقرضه إلى أجل مسمى جاز، فلا أعلم خلافًا بين الفقهاء أن أحدًا لا يجوز له أن يقرض من وديعة عنده أو مال استحفظه لأحد شيئًا لا حالا ولا إلى أجل، ولكنه إن فعل كان رب المال مخيرًا بين إجازة فعله أو تضمينه، أو طلب الذى قبض المال.