فَقَالَ لَهُمْ: لاَ تَأْكُلُوا حَتَّى أَسْأَلَ رَسُول اللَّه (صلى الله عليه وسلم) ، أَوْ أُرْسِلَ مَنْ يَسْأَلُهُ، وَأَنَّهُ سَأَلَ النَّبِىَّ، عليه السلام، عَنْ ذَاكَ، أَوْ أَرْسَلَ، فَأَمَرَهُ بِأَكْلِهَا. قَالَ عُبَيْدُاللَّهِ: فَيُعْجِبُنِى أَنَّهَا أَمَةٌ، وَأَنَّهَا ذَبَحَتْ. قال المهلب: وفيه من الفقه تصديق الراعى والوكيل على ما أؤتمن عليه حتى يظهر عليه دليل الخيانة والكذب، وهذا قول مالك وجماعة، وقال ابن القاسم: إذا خاف الموت على شاة فذبحها لم يضمن، ويصدق إن جاء بها مذبوحة. وقال غيره: يضمن حتى يتبين ما قال. واختلف ابن القاسم وأشهب إذا أنزى على إناث بغير أمر أربابها فهلك فقال ابن القاسم: لا ضمان عليه؛ لأن الإنزاء من صلاح المال ونمائه. وقال أشهب: عليه الضمان. وقول ابن القاسم أشبه بدليل هذا الحديث؛ لأن الرسول لما أجاز ذبح الأمة الراعية للشاة، وأمرهم بأكلها، وقد كان يجوز ألا تموت لو بقيت؛ دل على أن الراعى والوكيل يجوز له الاجتهاد فيما استرعى عليه ووكل به، وأنه لا ضمان عليه فيما أتلف باجتهاده إذا كان من أهل الصلاح، وممن يعلم إشفاقه على المال والنية فى إصلاحه، وأما إن كان من أهل الفسوق والفساد وأراد صاحب المال أن يضمنه فعل؛ لأنه لا يصدق أنه رأى بالشاة موتا؛ لما عرف من فسقه، وإن صدقه لم يضمنه.