إجارة الحجام فنهانى عنها، فما زلت أسأله حتى قال: اعلفه ناضحك، وأطعمه رقيقك) . وحجة الجماعة حديث أنس وابن عباس: (أن النبى احتجم، وأعطى الحجام أجرة، قال ابن عباس: ولو علم كراهية لم يعطه) . قال الطحاوى: وفى إباحة النبى أن يطعمه رقيقه وناضحه دليل أنه ليس بحرام، ألا ترى أن المال الحرام الذى لا يحل للرجل أكله لا يحل له أن يطعمه رقيقه ولا ناضحه، فثبت بذلك نسخ ما تقدم من نهيه، وهو النظر عندنا؛ لأنا رأينا الرجل يستأجر الرجل يفصد له عرقًا، أو ينزع له ضرسًا فيجوز ذلك، فكذلك تجوز الحجامة. قال غيره: والدليل على ذلك قوله تعالى: (قو أنفسكم وأهليكم نارًا (قال أهل التفسير: جنبوهم ما يقود إلى النار وما يؤدى إلى سخطه، وذلك فرض على المخاطبين بهذه الآية. وقال ربيعة: إن الحجامين كان لهم سوق على عهد عمر بن الخطاب. وقال يحيى بن سعيد: لم يزل المسلمون مقرين بأجر الحجام، ولا ينكرونها. وأما قولهم: إنها صنعة دنية، فليست بأدنى من صنعة الكناس الذى ينقل الحش، وليست بحرام، وكذلك الحجام. وقولهم: إن اسم الخبيث عبارة عن الحرام، فليس كذلك، وقد يقع على الحلال، قال تعالى: (ولا يتمموا الخبيث منه تنفقون (وكانوا يتصدقون بالحشف وردىء التمر فنزلت هذه الآية فيه.