الثِّمَارِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلاَثَ، فَقَالَ: (أَسْلِفُوا فِى الثِّمَارِ فِى كَيْلٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ) . اختلف العلماء فى أجل السلم، فقال مالك والكوفيون وجمهور الفقهاء إنه لا يجوز السلم الحال، ولا بد فيه من أجل معلوم، وروى ابن عبد الحكم عن مالك أنه لابد فيه من أجل وإن كانت أيامًا يسيرة، وقال ابن القاسم: معناه إذا كانت أيامًا تتغير فيها الأسواق. وقال الشافعى وأبو ثور: يجوز السلم بغير ذكر أجل أصلاً، وهذا خلاف الحديث؛ لأنه عليه السلام قال: (من أسلم) ، فأتى بلفظ العموم، وأيضًا فإنه عليه السلام أحل الأجل محل الكيل والوزن وقرنه بهما، فلما لم يجز العقد إذا عدمت صفة الكيل والوزن، فكذلك الأجل يجب اعتباره، كما لو قال: صل على صفة كذا. لم يجز العدول عن الصفة. واحتج الشافعى أن السلم بيع من البيوع، والبيوع تجوز بثمن معجل ومؤجل، فكذلك السلم، قيل: هذا ينتقض بجواز السلم فى المعدوم، وهو يجوز مؤجلاً ولا يجوز معجلاً، وإنما لم يجز ابن عمر السلم فى زرع لم يبد صلاحه؛ لأنه سلم فى عين، وحكم السلم ألا يكون فى عين معلومة، وإنما يكون فى صفة معلومة ثابتة فى الذمة، لا ينفسخ بموت أحد المتعاقدين فى السلم، ولا بجائحة تنزل، وهذا مذهب أهل الحجاز، إلا أن مالكًا أجاز السلم فى طعام بلد بعينه إذا كان الأغلب فيه أنه لا يخلف.