قال المهلب: قوله (صلى الله عليه وسلم) : تمت إذا نعس أحدكم فليرقد -، هو فى صلاة الليل، لأن صلوات الفرض ليست من نهاية الطول، ولا فى أوقات النوم فيحدث فيها مثل هذا، وقد ذكر (صلى الله عليه وسلم) العلة الموجبة لقطع الصلاة، وذلك أنه خاف عليه إذا غلب عليه النوم أن يخلط الاستغفار بالسب. قال المهلب: ومن صار فى مثل هذه الحال من ثِقَلِ النوم فقد انتقض وضوءه بإجماع، فأشبه من نهاه الله تعالى عن مقاربة الصلاة فى حال السكر بقوله تعالى: (لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ) [النساء: 43] . وقد قال الضحاك فى تأويل قوله تعالى: (وَأَنتُمْ سُكَارَى (أنه النوم. والأكثر أنها نزلت فى سكر الخمر، وبَيَّن حديث عائشة، وحديث أنس فى هذا أن المعنى واحد، لأن من أراد أن يستغفر ربه فيسب نفسه، فقد حصل من فقد العقل فى منزلة من لا يعلم ما يقول من سكر الخمر التى نهى الله تعالى عن مقاربة الصلاة فيها، ومن كان كذلك فلا تجوز صلاته، لأنه فقد عقله الذى خاطب الله أهله بالصلاة والفرائض، ورفع الخطاب بذلك والتكليف عمن عدمه. ودلت الآية على ما دل عليه الحديثان، أنه لا ينبغى للمصلى أن يقرب الصلاة مع شاغل له عنها، أو حائل بينه وبينها، لتكون همه لا هم له غيرها، وأن من استثقل نومه فعليه الوضوء، وهذا يدل أن النوم اليسير بخلاف ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015