وقال ابن القصار: والحجة عليهم فى قياسهم على الصرف، بأن البيع يتم فيه بالعقد، ثم يبطل بالتفرق قبل القبض؛ لأنه عقد خص بألا يفترقا وبينهما معاملة؛ لأن سنة الصرف يدًا بيد، وهاء بهاء، لوجود الربا فى كل واحد من العوضين، وأما الطعام إذا اشترى مكايلة فإن البيع قد تم بالقول، ثم وجب على البائع حق التوفية، وهو الكيل الذى يلزمه بإجماع، وكذلك المبيع إذا كان فيه حق يوفيه من وزن أو عدد وتلف قبل القبض فضمانه من البائع، وأما احتجاجهم بنهيه عليه السلام عن بيع ما لم يقبض، فالجواب: عليه أنه نهى عن بيع ما لم يقبض إذا لم يضمن، بدليل أن المشترى لو أتلف المبيع كان ضمانه فيه بالثمن لا بالقيمة لأنه بحكم الملك أتلفه، فيجب إذا تلف المبيع من قبل الله - تعالى - أن يكون من ضمانه. قال المهلب: ووجه استدلال البخارى بحديث عائشة فى هذا الباب أن قول الرسول لأبى بكر فى الناقة: (قد أخذتها) لم يكن أخذًا باليد، ولا بحيازة شخصها، وإنما كان التزامه لابتياعها بالثمن، وإخراجها من ملك أبى بكر، لأن قوله: (قد أخذتها) يوجب أخذًا صحيحًا، وإخراجًا واجبًا للناقة من ذمة أبى بكر إلى ذمة النبى بالثمن الذى يكون عوضًا منها، فهل يكون الضياع أو التصرف بالبيع قبل القبض إلا لصاحب الذمة الضامنة لها. قال ابن المنذر: ولا مخالف لابن عمر فى الصحابة، فهو كالإجماع. قال المهلب: وفيه من الفقه: إخفاء السر فى أمر الله إذا خشى من أهل الفجر.