الافتراق بالأبدان، واحتج به من قال: إن الافتراق بالكلام، وكان من حجة الذين جعلوا الافتراق بالكلام أن قالوا: لو كان معنى الحديث التفرق بالأبدان، لكان المراد به الحض والندب إلى حسن المعاملة من المسلم للمسلم، وألا يفترسه فى البيع على استخباره عن الداء والغائلة، وقد قال عليه السلام: (من أقال نادمًا أقال الله عثرته يوم القيامة) من حديث أبى هريرة، ألا ترى قول ابن عمر: وكانت السنة أن المتبايعين بالخيار ما لم يفترقا فحكى ابن عمر أن الناس كانوا يلتزمون حينئذ الندب؛ لأنه كان زمن مكارمة، وأن الوقت الذى حدث ابن عمر هذا الحديث كان التفرق بالأبدان متروكًا، ولو كان التفرق بالأبدان على الوجوب ما قال ابن عمر: وكانت السنة بل كان يقول: وكانت السنة، ويكون أبدًا فلذلك جاز أن يرجع على عقبيه؛ لأنه فهم أن المراد بالحديث الحض والندب، لا سيما وهو الذى حضر فعل النبى فى هبته البكر له بحضرة البائع قبل التفرق. وقال الطحاوى: يحتمل قول ابن عمر الوجهين جميعًا، فنظرنا فى ذلك فروينا عنه ما يدل أن رأيه كان فى الفرقة بخلاف ما ذهب إليه من قال: إن البيع لا يتم إلا بها، وهو ما حدثنا سليمان بن شعيب، حدثنا بشر بن بكر، حدثنا الأوزاعى، حدثنى الزهرى، عن حمزة ابن عبد الله، أن ابن عمر قال: ما أدركت الصفقة حيا فهو من مال المبتاع. قال ابن المنذر: يعنى فى السلعة تتلف عند البائع قبل أن يقبضها المشترى بعد تمام البيع. قال ابن المنذر: هى من مال المشترى؛ لأنه لو كان عبدًا فأعتقه المشترى كان عقته جائزًا ولو أعتقه البائع لم يجز عتقه.