القول فيه، وهو واضح يغنى عن تدبره وطلبه. وأما المشتبهات فكل ما تنازعته الأدلة من الكتاب والسنة وتجاذبته المعانى فوجه منه يعضده دليل الحرام ووجه منه يعضده دليل الحلال، فهذا الذى قال فيه عليه السلام: (وبينهما أمور مشتبهة) ، وقال فيه: (من ترك الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه) ، فالإمساك عنه ورع، والإقدام عليه لا يقطع عالم بتحريمه؛ لأن الحرام ما عرف بعينه منصوصًا عليه أو فى معنى المنصوص. وقد اختلف العلماء فى معنى الشبهات، فقالت طائفة: الشبهات التى أشار إليها عليه السلام فى هذا الحديث حرام أو فى حيز الحرام، واستدلوا بقوله عليه السلام: (فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه) ، قالوا: ومن لم يستبرئ لدينه وعرضه فقد واقع الحرام. وقال آخرون: الشبهات المذكورة فى هذا الحديث حلال بدليل قوله عليه السلام فيه: (كالراعى حول الحمى) فجعل الشبهات ما حول الحمى، وما حول الحمى غير الحمى، فدل أن ذلك حلال وأن تركه ورع، والورع عند ابن عمر ومن ذهب مذهبه ترك قطعة من الحلال خوف مواقعة الحرام. وقال آخرون: الشبهات لا نقول إنها حلال ولا إنها حرام، لأن النبى - عليه السلام - قال: (الحلال بين والحرام بين) وجعل الشبهات غير الحلال البين والحرام البين، فوجب أن نتوقف عندها، وهذا من باب الورع أيضًا، ويقضى عليه قوله عليه السلام: