ولو صح عن ابن عباس لم يرد به إسقاط الحنث، وإنما أراد - والله أعلم - أن الله - تعالى - أوجب الاستثناء على كل قائل أنه يفعل شيئًا بقوله: (ولا تقولن لشىء إنى فاعل ذلك غدًا إلا أن يشاء الله (يقول: فإذا نسى: إن شاء الله، فليقله أى وقت ذكره ولو بعد سنةٍ، حتى يخرج بذلك عن المخالفة، لا أنه يجوز هذا فى اليمين، ولو صح الخبر عن النبى - عليه السلام - احتمل أن يكون ناويًا للاستثناء وسكوته ليتذكر شيئًا أراده فى اليمين حتى إذا تممه استثنى، ويجوز أن يكون لانقطاع نَفَسٍ، أو لشىء شغله عن اتصال الاستثناء حتى يتمكن منه. ومن حجة أهل المقالة الأولى أيضًا قوله عليه السلام: (من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها، فليأت الذى هو خير وليكفر عن يمينه) ولو أمكنه أن يخرج من هذه اليمين بقوله: إن شاء الله، لما أوجب كفارة على حانث أبدًا، ولقال له عليه السلام: إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرًا منها فاستثن وائت الذى هو خير ولم يذكر كفارة، ولبطل معنى قوله تعالى: (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم (وكذلك معنى حديث سليمان أن كان حلف بالله ليطوفن على نسائه، فإن الاستثناء بعد يمينه متى أرادها كانت تخرجه من الحنث، لو كان كما زعم من خالف أئمة الفتوى.