عليه السلام - نهى عن التنفس فى الإناء) فى الباب قبل هذا يعارض حديث أنس هذا. قيل: لا تعارض بينهما بحمد الله، ويحتمل معنيين: أحدهما ذكره ابن المنذر قال: روى أبو هريرة عن النبى قال: (لا يتنفس أحدكم فى الإناء إذا شرب، ولكن إذا أراد أن يتنفس فليؤخره عن فيه، ثم يتنفس) فيحتمل أن يكون هذا الحديث مفسرًا لحديث أنس أنه عليه السلام كان يتنفس ثلاثًا يعنى أنه كان يزيل القدح عنه فيه كل مرة يتنفس؛ ليعلم أمته ذلك، حتى لا يختلف الحديثان. قال المؤلف: والمعنى الثانى: أن يكون نهيه عليه السلام عن التنفس فى الإناء فى حديث أبى قتادة إذا شرب مع من يكره تنفسه فيه ويتقذر الشرب منه، كما تقدم فى الباب قبل هذا وإذا شرب مع من لا يتقذر منه فالتنفس له مباح، ولذلك تنفس عليه السلام؛ لعلمه برغبة الناس فيما يتنفس فيه؛ ليدل أمته على إباحة ذلك ممن لا يتقذر بنفسه، ألا ترى أنه مج فى وجه محمود بن الربيع مجة فكانت له بذلك فضيلة، وهذا الوجه أولى بالصواب؛ لأن عامة الفقهاء لا يختلفون أنه لو تنفس فى الشراب لم يحرم بذلك. واختلفوا هل يجوز الشرب بنفس واحد، فروى عيسى عن ابن القاسم، أن مالكًا سئل عن قول الرجل للنبى (صلى الله عليه وسلم) : (إنى لا أروى من نفس واحد، فقال له عليه السلام: فأبن القدح عن فيك) فقال مالك: أرى ذلك رخصة أن يشرب من نفس واحد ما شاء.