وجمهور العلماء قائلون بهذه الأحاديث فى النهى عن الخليطين من جميع الأشربة، وأن ينبذ كل واحد على حدته، وممن روى عنه ذلك من الصحابة: أبو مسعود الأنصارى، وأنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، وأبو سعيد الخدرى. ومن التابعين: عطاء، وطاوس. وبه قال مالك، والليث، والشافعى، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وروى عن الليث بن سعد أنه قال: لا بأس أن يخلط نبيذ الزبيب ونبيذ التمر ثم يشربان جميعًا، وإنما جاء الحديث فى النهى أن ينبذا جميعًا؛ لأن أحدهما يشد صاحبه. وخالفه مالك والشافعى، فلم يريا أن يخلطا عند شرب ولا انتباذ، وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: لا بأس بشرب الخليطين من الأشربة، قالا: وكل ما لو طبخ على الانفراد حل، كذلك هو إذا طبخ مع غيره، قالوا: روى مثل قولنا عن ابن عمر، والنخعى. قال الطحاوى: ومعنى النهى عن الخليطين: على وجه السرف؛ لضيق ما كانوا فيه من العيش، كما روى حنظلة بن سحيم قال: (أصابتنا سنة فرآنا ابن عمر ونحن نأكل التمر، فقال لنا: لا تقرنوا؛ فإن رسول الله نهى عن القران، قال ابن عمر: إلا أن يستأذن الرجل أخاه) . وهذا معنى النهى عن الخليطين عندهم؛ لأن كل واحد على حياله يجوز شربه، كما يجوز أكل كل تمرة على حيالها.