وأحمد بن حنبل، وكلهم أجاز شربه إذا ذهب ثلثاه؛ لأنه لا يسكر كثيره. وفيه قول ثان: وهو أن يذهب نصفه بالطبخ، روى أنه أجاز شربه البراء، وأبو جحيفة، وجرير، وأنس، ومن التابعين: ابن الحنفية، وعبيدة، وشريح، والحكم بن عتيبة، والنخعى، وسعيد بن جبير، وأجازه أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد، واحتجوا أنه لا يشرب أحد من الصحابة والتابعين ما يسكر؛ لأنهم مجمعون أن قليل الخمر وكثيرها حرام، وأما الذى كرهه فإنه تورع عنه. قال المهلب: وقوله: (سبق محمد الباذق) يعنى سبق محمد بالتحريم للخمر قبل تسميتهم لها بالباذق، وهو من شراب العسل، وليس تسميتهم لها بغير اسمها بنافع لها إذا أسكرت، ورأى ابن عباس أن سائله أراد استحلال الشراب المحرم بهذا الاسم فحسم منه رجاءه، وباعد منه أمله، وأخبره أن ما أسكره فهو حرام. وقوله: (ليس بعد الحلال الطيب إلا الحرام الخبيث) معناه أن المشتبهات تقع فى حيز الحرام، وهى الخبائث، قال إسماعيل ابن إسحاق: فى قول ابن عباس هذا رد لما روى عنه أنه قال: (حُرمت الخمر بعينها، والسكر من كل شراب) والصحيح عنه: (المسكر) كما رواه شعبة وسفيان، وقد روى عن ابن عباس من وجوه ما يضعف رواية الكوفيين عن مسعر. قال إسماعيل: وحدثنا حجاج بن منهال، قال: حدثنا أبو عوانة، عن ليث، عن عطاء وطاوس ومجاهد، عن ابن عباس قال: (قليلُ ما أسَكَر كَثِيُره حرام) .