وقوله تعالى: (أحل لكم صيد البحر (يقتضى عمومه إباحة كل ما فى البحر من جميع الحيوان حوتًا كان أو غيره مما صاد، خنزيرًا كان أو كلبًا أو ضفدعًا، ويشهد لذلك قوله (صلى الله عليه وسلم) : (هو الطهور ماؤه الحل ميتته) فأطلق على جميع ميتته وأباحها؛ فسقط قول أبى حنيفة. قال ابن القصار: وقد قال أبو بكر الصديق: (كل دابة فى البحر فقد ذكاها الله لكم) ولم يخص، ولا مخالف له، وأيضًا فإن البحر لما عفى عن الذكاة فيما يخرج منه عفى عن مراعاة صورها، وبعضها كصور الحيات، وكذلك صورة الدابة التى يقال لها: العنبر خارجة عن عادات السمك ولم يحرم أكلها. وأيضًا فإن اسم سبع وكلب وخنزير لا يتناول حيوان الماء؛ لأنك تقول خنزير الماء وكلب الماء بالإضافة، والخنزير المحرم مطلق لا يتناول إلا ما كان فى البر خاصة، وكذلك البحرى داخل فى صيد البحر ولم يرو كراهته إلا عن على بإسناد لا يصح. وأجازه الكوفيون؛ لأنه داخل فى عموم السمك، وحرموا الضفادع، وبه قال الشافعي. وأما قول ابن عباس: كل ما صاد من البحر مجوسى أو غيره. فهو قول جمهور العلماء؛ لأن طعام البحر ميتة ولا يحتاج فيه إلى ذكاة. قال مالك: فإذا أكل ميته فلا يضر من صاده. وقال الحسن: أدركت سبعين من أصحاب النبى (صلى الله عليه وسلم) كلهم يأكل صيد المجوسى؛ الحيتان وما ينخلج فى صدورهم منه شيء. وروى ذلك عن عطاء، والنخعى، وهو قول مالك، والكوفيين، والليث والأوزاعى، والشافعى، وأحمد، وإسحاق، وأبى ثور. وقال أبو عبد الله بن أبى صفرة: معنى قول أبى الدرداء: (ذبح الخمر النينان