الذمة: الأمان، يقول: إن كل من أمن أحدًا من الحربيين جاز أمانه على جميع المسلمين دنيا كان أو شريفًا، حرا كان أو عبدًا، رجلا أو امرأة، وليس لهم أن يخفروه. واتفق مالك والثورى والأوزاعى والليث والشافعى وأبو ثور على جواز أمان العبد قاتل أو لم يقاتل، واحتجوا بقوله (صلى الله عليه وسلم) : (يسعى بذمتهم أدناهم) . وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: لا يجوز أمان العبد إلا أن يقاتل. وقولهما خلاف مفهوم الحديث. وأجاز مالك أمان الصبى إذا عقل الإسلام، ومنع ذلك أبو حنيفة والشافعى وجمهور الفقهاء، واحتج الشافعى بأن الصبى لا يصح عقده؛ فكذلك أمانه، والحجة لمالك عموم قوه (صلى الله عليه وسلم) : (يجير على المسلمين أدناهم) فدخل فى ذلك الصبى وغيره، وأيضًا فإن أحكام الصبى تطوع، وهو ممن يصح منه التطوع، ويفرض له سهمه إذا قاتل، وإنما الأمان مما اختص به من له حرمة الإسلام، فجعل لأدناهم كما جعل لأعلاهم، وعلى أن الصبى والعبد أحسن حالا من المرأة، لأنها ليست من جيش من يقاتل. قال المهلب: وقوله (فمن اخفر مسلمًا) يعنى: فيمن أجاره فعليه لعنة الله والملائكة. وهذا اللعن وسائر لعن المسلمين إنما هو متوجه إلى الإغلاظ والترهيب لهم عن المعاصى، والإيعاد لهم من قبل مواقعتها، فإذا وقعوا فيها دعى لهم بالتوبة، يبين هذا حديث النعمان. وقوله: (لا يقبل منه صرف ولا عدل) يعنى: فى هذه الجناية أى لا كفارة لها؛ لأنه لم يشرع فيها كفارة فهى إلى أمر الله إن شاء عذب فيها وإن شاء غفرها على مذهب أهل السنة فى الوعيد.