(إِنِّى سَائِلُكُمْ عَنْ شَىْءٍ، فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِىَّ عَنْهُ) ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ، قَالَ لَهُمُ النَّبِىُّ (صلى الله عليه وسلم) : (مَنْ أَبُوكُمْ) ؟ قَالُوا: فُلانٌ، قَالَ: (كَذَبْتُمْ، بَلْ أَبُوكُمْ فُلانٌ) ، قَالُوا: صَدَقْتَ، قَالَ: (فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِىَّ عَنْ شَىْءٍ إِنْ سَأَلْتُ عَنْهُ، فَقَالُوا: نَعَمْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، وَإِنْ كَذَبْنَا عَرَفْتَ كَذِبَنَا كَمَا عَرَفْتَهُ فِى أَبِينَا، فَقَالَ لَهُمْ: (مَنْ أَهْلُ النَّار؟) قَالُوْا: نَكُونُ فِيهَا يَسِيرًا، ثُمَّ تَخْلُفُونَا فِيهَا، فَقَال (صلى الله عليه وسلم) : اخْسَئُوا فِيهَا وَاللَّهِ لاَ نَخْلُفُكُم فِيهَا أَبَدًا. ثُمَّ قَالَ: (هَلْ جَعَلْتُمْ فِى هَذِهِ الشَّاةِ سُمًّا) ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: (مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ) ؟ قَالُوا: أَرَدْنَا إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا نَسْتَرِيحُ مِنْكَ، وَإِنْ كُنْتَ نَبِيًّا لَمْ يَضُرَّكَ. قال المهلب: ويعفى عن المشركين إذا غدروا بشيء يستدرك إصلاحه وجبره ويعصم الله تعالى منه إذا رأى الإمام ذلك، وإن رأى عقوبتهم عاقبهم بما يؤدى إليه اجتهاده، وأما إذا غدروا بالقتل أو بما لا يستدرك جبره وما لا يعتصم من شره؛ فلا سبيل إلى العفو، كما فعل النبى (صلى الله عليه وسلم) فى العرنيين عاقبهم بالقتل، وإن كان (صلى الله عليه وسلم) ، قال لعائشة: (ما زالت أكلة خيبر تعادنى فهذا أوان قطع أبهري) لكنه عفا عنهم حين لم يعلم أنه يقضى عليه؛ لأن الله تعالى دفع عنه ضر السم بعد أن أطلعه على المكيدة فيه بآية معجزة أظهرها له من كلام الذراع، ثم عصمه الله من ضره مدة حياته، حتى إذا دنا أجله بغى عليه السم، فوجد ألمه وأراد الله له الشهادة بتلك الأكلة؛ فلذلك لم يعاقبهم، وأيضًا فإن اليهود قالوا: أردنا أن نختبر بذلك نبوتك وصدقك، فإن كنت نبيا لم يضرك. فقد يمكن أن يعذرهم بتأويلهم، وأيضًا فإنه كان لا ينتقم لنفسه تواضعًا لله، وكان