دماؤهم، وحرمت أموالهم، ومنها وضيعة أرض الصلح التى منعها أهلها حتى صولحوا منها على خراج مسمى، ومنها خراج الأرضين التى فتحت عنوة، ثم أقرها الإمام فى أيدى أهل الذمة التى يمرون بها لتجارتهم، ومنها ما يؤخذ من أهل الحرب إذا دخلوا بلاد الإسلام للتجارة، فكل هذا من الفيء، وهو الذى يعم المسلمين غنيهم وفقيرهم، فيكون فى أعطية المقاتلة وأرزاق الذرية، وما ينوب الإمام من أمور الناس بحسن النظر للإسلام وأهله قاله أبو عبيد. واختلف الصحابة فى قسم الفيء، فروى عن أبى بكر الصديق التسوية بين الحر والعبد، والشريف والوضيع، وروى عنه أنه كلم فى أن يفضل بين الناس، فقال: (فضيلتهم عند الله، فأما هذا المعاش فالتسوية فيه خير) . وهو مذهب على بن أبى طالب، وإليه ذهب الشافعي. وأما عمر فكان يفضل أهل السوابق ومن له من رسول الله قرابة فى العطاء، وفضل أزواج النبى فى العطاء على الناس أجمعين، ففرض لكل واحدة اثنى عشر ألفًا؛ ولم يلحق بهن أحدًا إلا العباس، فإنه جعله فى عشرة آلاف، وذهب عثمان فى ذلك إلى التفضيل، وبه قال مالك، فلما جاء على بن أبى طالب سوى بين الناس، وقال: (لم أعب تدوين عمر الدواوين ولا تفضيله، ولكن أفعل كما كان خليلى رسول الله يفعل) فكان يقسم ما جاءه بين المسلمين، ثم يأمر ببيت المال فينضح، ويصلى فيه. واما الكوفيون فالأمر عندهم فى ذلك إلى اجتهاد الإمام، إن رأى التفضيل فضل، وإن رأى التسوية سوى. وأحاديث هذا الباب تدل على التفضيل، وهو حجة لمن قال به.