المجوس) فيحتمل وجهين: أحدهما: أن الله لم يأمر بأخذ الجزية إلا من أهل الكتاب، وأهل الكتاب لا ينكحون ذوات المحارم، فإذا استعمل فيهم قوله (صلى الله عليه وسلم) : (سنوا بهم سنة أهل الكتاب) احتمل أن لا يقبل منهم الجزية إلا أن يسن بهم سنة أهل الكتاب فى مناكحتهم أيضًا، والوجه الآخر: أن يكون عمر غلب على المجوس عنوة ثم أبقاهم فى أموالهم عبيدًا يعملون فيها، والأرض للمسلمين، ثم رأى أن يفرق بين ذوات المحارم من عبيده الذين استبقاهم على حكمه واستبقاهم باجتهاده، وإن كان منعقدًا فى أصل استحيائهم واستبقائهم، ويكون اجتهاده فى تفريقه بين ذوات محارمهم مستنبطًا من قوله (صلى الله عليه وسلم) : (سنوا بهم سنة أهل الكتاب) أى: ما كان أهل الكتاب يحملون عليه فى حرمهم ومناكحتهم، فاحملوا عليه المجوس، والله أعلم أى الوجهين أراد عمر. فيه: أنه قد يغيب عن العالم المنور بعض العلم. وفيه: قبول خبر الواحد والعمل به. وفيه: أن طلب العطاء من الإمام لا غضاضة فيه على طالبه؛ لقولهم: (أجل يا رسول الله) . وفيه: التبشير بالإسهام لهم بقوله: (أبشروا وأملوا) ومعنى ذلك: أى أملوا أكثر ما تطلبون من العطاء؛ لأنهم لم يعرفوا مقدار ما قدم به أبو عبيدة فسرهم بأكثر مما يظنون. وفيه: علامة النبوة؛ لأنه أخبرهم بما يخشى عليهم فيما يفتح عليهم من الدنيا.