بالله ولا باليوم الآخر (إلى قوله: (من الذين أوتوا الكتاب (. قال: فدل هذا الخطاب أن من لم يؤت الكتاب ليس بمنزلتهم بدليل قوله (صلى الله عليه وسلم) : (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله) ولا يجوز أن يكون أهل الكتاب داخلين تحت هذه الجملة؛ لأنهم يقولون: لا إله إلا الله لإخباره (صلى الله عليه وسلم) أن هذه الكلمة يحقن بها الدم والمال، فدل أن بغيرها لا يحقن الدم. وحجة مالك حديث عبد الرحمن بن عوف (أن النبى (صلى الله عليه وسلم) أخذ الجزية من مجوس هجر) وقال فى المجوس: (سنوا بهم سنة أهل الكتاب فى أخذ الجزية منهم) وأيضًا فإن النبى (صلى الله عليه وسلم) كان يبعث أمراء السرايا فيقول لهم: (إذا لقيتم العدو فادعوهم إلى الإسلام، فإن أجابوا وإلا فالجزية، فإن أعطوا وإلا فقاتلوهم) ولم ينص على مشرك دون مشرك، بل عم جميع المشركين؛ لأن الكفر يجمعهم، ولما جاز أن يسترقهم جاز أن يأخذ منهم الجزية، عكسه المرتد لما لم يجز أن يسترقه لم يجز أخذ الجزية منه. وليس فيما احتج به الشافعى من قوله: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر (دليل على أن الجزية لا يجوز أخذها من غير أهل الكتاب؛ لأن الله تعالى لم ينه أن تؤخذ الجزية من غيرهم، وللنبى (صلى الله عليه وسلم) أن يزيد فى البيان، ويفرض ما ليس بموجود فى الكتاب، ألا ترى أن الله حرم الأمهات ومن ذكر معهن فى الآية، وحرم النبى أن تنكح المرأة على عمتها وخالتها، وليس ذلك بخلاف لكتاب الله؛ فكذلك أخذ الجزية من جميع المجوس هو ثابت بالسنة