والحاجة، ولا يدخر أحد منهم شيئًا يرجع به إلى أهله، وقد احتج الفقهاء فى هذا بحديث ابن مغفل فى قصة الجراب، وقالوا: ألا ترى أن النبى لم ينكر عليه، وقد ورد فى بعض طرق حديث ابن مغفل قال: (فالتفت فإذا النبى (صلى الله عليه وسلم) يبتسم إلي) وشذ الزهرى فى هذا الباب، فقال: لا يجوز أخذ الطعام فى دار الحرب إلا بإذن الإمام. وأظنه رأى الخلفاء والأمراء كانوا يأذنون لهم فى ذلك، وهذا لا حجة فيه؛ لأن ما أذنوا فيه مرة علمت فيه الإباحة؛ لأنهم لا يأذنون فى استباحة غير المباح. وقول ابن عمر: (كنا نصيب فى مغازينا العنب والعسل فنأكله ولا نرفعه) هو كالإجماع من الصحابة. قال المهلب: وحديث ابن أبى أوفى حجة فى ذلك أيضًا، وأن العادة كانت عندهم فى المغازى انطلاق أيديهم على المطاعم والمستلحمات، ولولا ذلك ما تقدموا إلى شيء إلا بأمر الرسول. وسيأتى ما للعلماء فى تحريم لحوم الحمر فى كتاب الذبائح إن شاء الله. وكره جمهور العلماء أن يخرج شيئًا من الطعام إلى دار الإسلام إذا كانت له قيمة، وكان للناس فيه رغبة، وحكمةا فيه بحكم الغنيمة فإن أخرجه رده فى المقاسم إن أمكنه وإلا باعه وتصدق بثمنه. قال مالك: وإن كان يسيرًا أكله. وقال الأوزاعى: ما أخرجه إلى دار الإسلام فهو له أيضًا. قال ابن المنذر: وليس لأحد أن ينال من أموال العدو شيئًا سوى الطعام للأكل والعنف للدواب، وكل مختلف فيه بعد ذلك من ثمن طعام أو فضلة طعام يقدم به إلى أهله أو جراب أو حبل أو غير ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015