قال الطبرى: معنى حديث ابن مسعود أن الصلاة المفروضة وبر الوالدين والجهاد فى سبيل الله أفضل الأعمال بعد الإيمان بالله ورسوله، وذلك أن من ضيع الصلاة المفروضة، حتى خرج وقتها لغير عذر فقدرته مع خفة مؤنتها وعظم فضلها فهو لا شك لغيرها من أمر الدين والإسلام أشد تضيعاَ، وبه أشد تهاوناَ واستخفافاَ، وكذلك من ترك بر والديه وضيع حقوقهما مع عظيم حقهما عليه بتربيتهما إياه، وتقطعهما عليه، ورفقهما به صغيرًا وإحسا نهما إليه كثيراَ، وخالف أمر الله ووصيته إياه فيهما، فهو لغير ذلك من حقوق الله أشد تضييعًا، وكذلك من ترك جهاد أهداء الله، وخالف أمره فى قتالهم مع كفرهم بالله ومناصبتهم أنبياءه وأولياءه للحرب، فهو لجهاد من دونهم من فساق أهل التوحيد ومحاربة من سواهم من أهل الزيغ والنفاق أشد تركًا، فهذه الأمور الثلاثه تجمع المحافظة عليهن الدلالة لمن حافظهن أنه محافظ على ما سواهن، ويجمع تضييعهن الدلالة على تضييع ما سواهن من أمر الدين والإسلام فلذلك خصهن (صلى الله عليه وسلم) بأنهن أفضل الأعمال. قال المهلب: وأما الهجرة فكانت فرضا فى أول الإسلام على من أسلم، لقلتهم وحاجتهم إلى الاجتماع والتأليف، فلما فتح الله مكة دخل الناس فى دين الله أفواجا سقط فرض الهجرة، وبقى فرض الجهاد والنية على من قام به أو أنزل به عدو، والله جعل الحج أفضل للنساء من الجهاد لقلة غنائهن فى الجهاد، وفى حديث أبى هريرة أن المجاهد على كل أحواله يكتب له ما يكتب للمتعبد فالجهاد أفضل من التنفل بالصلاة والصيام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015