وفى حديث عائشة معرفة بنيان قريش الكعبة، وقد بناها إبراهيم عليه السلام قبل ذلك، وقيل: إن آدم خط البيت قبل إبراهيم، وقد نقل فيه النبى عليه السلام الحجارة مع عمه العباس وقريش فى الجاهلية. وذكر أهل السير أن قريشًا لما بنت الكعبة وبلغت موضع الركن اختصمت فى الركن، أى القبائل يلى رفعه، فقالوا: تعالوا نحكم أول رجل يطلع علينا، فطلع النبى عليه السلام فحكموه وسموه الأمين، وكان ذلك الوقت ابن خمس وثلاثين سنة فيما ذكر ابن إسحاق، فأمر بالركن فوضع فى ثوب، ثم أَمَر سَيِّدَ كُلِّ قبيلةٍ فأعطاه ناحية من الثوب، ثم ارتقى هو فرفعوا إليه الركن فوضعه عليه السلام بيده، فعجبت قريش من سداد رأيه. وكان الذى أشار بتحكيم أول رجل يطلع عليهم أبو أمية ابن المغيرة، والد أم سلمة زوج النبى عليه السلام، وكان عامئذٍ أسَنَّ قريش كلها، وقد ذكر الرسول (صلى الله عليه وسلم) أنه إنما امتنع من رده على قواعد إبراهيم خشية إنكار قريش لذلك. وفى هذا من الفقه أنه يجب اجتناب ما يُسْرِعُ الناس إلى إنكاره وإن كان صوابًا، وقد روى أن هارون الرشيد ذكر لمالك بن أنس أنه يريد هدم ما بناه الحجاج من الكعبة، وأن يرده إلى بنيان ابن الزبير، فقال له: ناشدتك الله يا أمير المؤمنين أن لا تجعل هذا البيت ملعبة للملوك، لا يشاء أحد منهم إلا نقض البيت وبناه، فتذهب هيبته من صدور الناس. وفى الحديث دليل أن الحجر من البيت، وإذا كان ذلك فإدخاله واجب فى الطواف.