بمكة حتى يحج، ومن كان أهلها فهى داره لا يمكنه الخروج منها إلى غير داره، وقد وضع الله ذلك عنه، ولم يذكر القارن. قال ابن القصار: وهذا خطأ؛ لأنه إذا جاز التمتع لأهل مكة فقد جاز لهم القران؛ لأنه لا فرق بينهما، واحتج أبو حنيفة بأن الاستثناء عنده فى الآية راجع إلى الجملة لا إلى الدم، قال: ولو رجع إلى الدم لقال: (ذلك على من لم يكن أهله) ، وقول القائل: إن لفلان كذا يفيد نفى الإيجاب عليه، ولهذا لا يقال: له الصلاة والصوم، وإنما يقال: عليه الصلاة والصوم. قال ابن القصار محتجا لمالك: قوله تعالى: (فَمَن تَمَتَّعَ (لفظ يقتضى إباحة التمتع، ثم علق عليه حكمًا وهو الهدى، ثم استثنى فى آخرها أهل مكة، والاستثناء إذا وقع بعد فعل قد علق عليه حكم انصَرف إلى الحكم المعلق على الفعل لا إلى الفعل نفسه، فأهل مكة وغيرهم فى إباحة التمتع الذى هو الفعل سواء، والفرق بينهم فى الاستثناء يعود إلى الدم؛ لأنه الحكم المعلق على التمتع، وهذا بمنزلة قوله عليه السلام: (من دخل دار أبى سفيان فهو آمن، ومن دخل منزله فهو آمن) فلو وصله بقوله: ذلك لمن لم يكن من أهل القينتين أو لغير ابن خطل لم يكن ذلك الاستثناء عائدًا إلا إلى الأمر، لا إلى الدخول، ولا يكون سائر الناس ممنوعين من دخول منازلهم ومنزل أبى سفيان، بل إن دخلوا فلهم الأمان كلهم إلا ابن خطل والقينتين ومن استثنى معهم.