ولم ينتظر يوم النحر، وكان إذا ساق الهدى لحجه يحرم بها بعد فراغه من تلك العمرة بقى على إحرامه إلى يوم النحر، فلما كان الهدى الذى هو من سبب الحج يمنعه الإحلال بالطواف بالبيت قبل يوم النحر، كان دخوله فى الحج أحرى أن يمنعه من ذلك إلى يوم النحر. قال المؤلف: ولم يُجِزْ فسخ الحج أحد من الصحابة إلا ابن عباس، وتابعه أحمد بن حنبل وأهل الظاهر، وهو شذوذ من القول، والجمهور الذين لا يجوز عليهم تحريف التاويل هم الحجة التى يلزم اتباعها. قال المهلب: فى حديث عائشة الأول فى قولها: (فلما قدمنا تطوفنا بالبيت) تفسير لقول من قال فى العمرة: (صنعناها مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم)) يعنى: أنه عليه السلام صنعها أمرًا لا فعلاً؛ لأنه معلوم أن عائشة لم تطف لأنها كانت حائضًا، وإنما حكت عمن طاف. وقوله: (ما طفتِ ليالى قدمنا مكة) يعنى لم تُحِلِّى من حجتك بعمرة كما حل الناس بالطواف بالبيت والسعى، قالت: (لا، فأمر أخاها فأعمرها إذ لم تعتمر قبل) . وقول صفية: (ما أرانى إلا حابستهم) أى حتى أطهر من حيضتى وأطوف طواف الوداع؛ لأنها قد كانت طافت طواف الإفاضة المفترض وهى طاهر، قال مالك: والمرأة إذا حاضت بعد الإفاضة فلتنصرف إلى بلدها، فإنه قد بلغنا فى ذلك رخصة من النبى (صلى الله عليه وسلم) للحائض، يعنى حديث صفية، وستأتى مذاهب العلماء فى من ترك طواف الوداع فى باب: إذا حاضت المرأة بعدما أفاضت إن شاء الله. قال المهلب: وأما قوله فى حديث ابن عباس: (كانوا يجعلون المحرم صفر) فهو النسئ الذى قال الله تعالى يحلون الشهر