فإنه مضى على إحرامه من أجل هديه، ولم يفسخه فى عمرة لقول الله: (لاَ تُحِلُّوا شَعَآئِرَ اللهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْىَ) [المائدة: 2] . وقولها: (فقدمت مكة وأنا حائض، ولم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة) . فلا خلاف بين العلماء أن الحائض لا تطوف بالبيت، ولا تسعى بين الصفا والمروة؛ لأن السعى بينهما موصول بالطواف، والطواف موصول بالصلاة، ولا تجوز صلاة بغير طهارة. وقوله عليه السلام: (انقضى رأسك وامتشطى، وأَهلِّى بالحج ودعى العمرة) احتج به الكوفيون فقالوا: إن المعتمرة إذا حاضت قبل الطواف، وضاق عليها وقت الحج رفضت عمرتها وألقتها واستهلت بالحج، وعليها لرفض عمرتها دم، ثم تقضى عمرة بعد، قالوا: وقوله: (انقضى رأسك وامتشطى) دليل على رفض العمرة؛ لأن القارنة لا تمتشط ولا تنفض رأسها، فجاوبهم مخالفوهم بأن ابن وهب روى عن مالك أنه قال: حديث عروة عن عائشة ليس عليه العمل عندنا قديمًا ولا حديثًا وأظنه وهمًا. يعنى ليس عليه العمل فى رفض الدعوة؛ لأن الله تعالى أمر بإتمام الحج والعمرة لمن دخل فيهما، وقال: (وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ) [محمد: 33] ورفضها قبل إتمامها هو إبطالها. قال ابن القصار: وكذلك لو احرمت بالحج ثم حاضت قبل الطواف لم ترفضه، فكذلك العمرة، بعلة أنه نسك يجب المضى فى فاسده فلا يجوز تركِه قبل إتمامه مع القدرة عليه. والذى عليه العمل عند مالك، والأوزاعى، والشافعى، وأبى