الحج، وكان ابن عمر يرفع بها صوته، وقال أبو حازم: كان أصحاب النبى عليه السلام لا يبلغون الروحاء حتى تبح حلوقهم من التلبية. وبه قال أبو حنيفة والثورى والشافعى. واختلف الرواية عن مالك فروى ابن القاسم عنه أنه لا ترفع الأصوات بالتلبية إلا فى المسجد الحرام ومسجد منى، وزاد فى الموطأ: ولا يرفع صوته فى مساجد الجماعات، وروى ابن نافع عنه أنه يرفع صوته فى المساجد التى بين مكة والمدينة. واحتج إسماعيل للقولين فقال: وجه القول الأول أن مساجد الجماعات إنما بنيت للصلاة خاصة، فكره رفع الصوت فيها، وليس كذلك المسجد الحرام ومسجد منى؛ لأن المسجد الحرام جعل للحاج وغيره، وكان المبلى إنما يقصد إليه فكان له فيه من الخصوص ما ليس فى غيره، ومسجد منى فهو للحاج خاصة، ووجه رواية ابن نافع أن المساجد التى بين مكة والمدينة إنما جعلت للمجتازين، وأكثرهم المحرمون فهم من النحو الذى وصفنا. وأجمعوا أن المرأة لا ترفع صوتها بالتلبية، وإنما عليها أن تُسمع نفسها. قال المهلب: وقول أنس: (وسمعتهم يصرخون بهما) إنما سمع الذين قرنوا خاصة لثبوت الإفراد، وليس فى حديث أنس أنه سمع الرسول (صلى الله عليه وسلم) يصرخ بالحج والعمرة، وإنما أخبر ذلك عن قوم فعلوه، وقد يمكن أن يسمع قومًا يصرخون بحج وقومًا يصرخون بعمرة، وقد روى أنس عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) ما يرد روايته هذه، وهو قوله عليه السلام: