وقالت العلماء: العالم كبير وإن كان حدثًا، والجاهل صغير وإن كان شيخًا. وفيه: أن الابن الموفق العالم أفضل مكاسب الدنيا، لقوله: تمت لأن كنت قلتها أحب إلى من كذا وكذا -. وفى سماع أشهب، عن مالك أنه سئل عن المصلى لله يقع فى نفسه أنه يجب أن يعلم، ويجب أن يلقى فى طريق المسجد، ويكره أن يلقى فى طريق غيره، فقال: إذا كان أول فعله لله فلا أرى بذلك بأسا، وإن المرء ليحب أن يكون صالحًا، وإن هذا ليكون من الشيطان مصدق فيقول: إنك لتحب أن يعلم ليمنعه ذلك، وهذا أمر يكون فى القلب لا يملك، فإذا كان أصله لله لم أر بذلك بأسا، قد قال (صلى الله عليه وسلم) : تمت ما شجرة لا يسقط ورقها - فقال ابن عمر: فوقع فى نفسى أنها النخلة، فقال عمر: لأن تكون قلتها أحب إلى من كذا وكذا، وقال تعالى: (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّى) [طه: 39] ، وقال: (وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ) [الشعراء: 84] .
/ 68 - فيه: عَلِىِّ، كُنْتُ رَجُلا مَذَّاءً، فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ يَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: تمت فِيهِ الْوُضُوءُ -. إنما استحيا على أن يسأل رسول الله لمكان ابنته، وهذا الحياء محمود، لأنه لا يمتنع به من تعلم ما جهل وبعث من يقوم مقامه فى ذلك، ففيه: الحياء من الأصهار فى ذكر أمور الجماع وشبهه.