واعتل الذين لم يجيزوا الطيب للإحرام، الذين ذكرتهم فى الباب قبل هذا، بأن قالوا: يحتمل أن يكون عليه السلام مخصوصًا بالطيب؛ لأنه أملك لإربه من سائر أمته، وأن الطيب إنما مُنِعَ فى الإحرام؛ لأنه داعية إلى الجماع ويذكر النساء، فكان أملك لإربه، فلذلك تطيب، قاله ابن القصار والمهلب، وزاد المهلب معنى آخر أنه خص عليه السلام بالطيب عند الإحرام لمباشرته الملائكة بالوحى وغيره. واعتل الطحاوى فى دفع حديث عائشة بما رواه شعبة وسفيان ومسعر، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه قال: (سألت ابن عمر عن الطيب عند الإحرام فقال: لأن أطلى بقطران أحب إلى من أن أصبح محرمًا ينضح منى ريح الطيب، قال: فدخلت على عائشة فأخبرتها بقول ابن عمر فقالت: يرحم الله أبا عبد الرحمن، طيبت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فطاف على نسائه ثم أصبح محرمًا) . قال: فقد بان بهذا الحديث أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) طاف على نسائه بعد التطيب، وإذا طاف على نسائه اغتسل لا محالة، فكان بين إحرامه وتطييبه غسل، قال: فكأن عائشة إنما أرادت بهذا الحديث الاحتجاج على من كره أن يوجد من المحرم بعد إحرامه ريح الطيب كما كره ذلك ابن عمر، وأما بقاء نفس الطيب على بدن المحرم بعدما أحرم فإن كان إنما تطيب به قبل الإحرام فلا، فَتَفَهَّمْ هذا الحديث فإن