مكة، كما وقت لهم النبى عليه السلام فاللازم على ظاهر هذا الخبر أن لا يخرج أهل مكة عن بيوت مكة إلا محرمين، وسنتهم ألا طواف ولا سعى عليهم، وإنما ذلك على من يقدم مكة من غير أهلها. قال ابن المنذر: يجمع هذا الحديث أبوابًا من السنن، منها: أن هذه المواقيت لكل من أتى عليها من غير اهلها، فإذا جاء المدنى من الشام على طريق الساحل أحرم من الجحفة، وإذا أتى اليمانى على ذى الحليفة احرم منها، وإذا أتى النجدى من تهامة أحرم من يلملم، وكل من مر بميقات بلدة احرم منه، ومنها: أن ميقات كل مَنْ منزله دون الميقات مما يلى مكة مِنْ منزله ذلك. ومنها: أن أهل مكة ميقاتهم مكة، ومنها: أن هذه المواقيت إنما يلزم منها ومن يريد حجا أو عمرة، ولا يلزم الإحرام منها من لا يريد الحج والعمرة، ولو مر مدنى بذى الحليفة ولا يريد حجا ولا عمرة فسار حتى قرب من الحرم أراد الحج والعمرة فإنه يحرم من حيث حضرته نية الحج أو العمرة، ولا يجب عليه ما وجب على من مر بميقاته وهو يريد الحج والعمرة ولم يحرم منه، واحرم من وراء ذلك مما يلى مكة. وعلى هذا عامة العلماء إلا أحمد وإسحاق فإنهما قالا: يرجع إلى ذى الحليفة ويحرم، والقول الأول أبين؛ لدلالة حديث ابن عباس على ذلك؛ ولأن ابن عمر أحرم من الفرع، وهو بعد الميقات، وهو راوى حديث المواقيت، ومحال أن يتعدى ذلك مع علمه به ويوجب على نفسه دمًا، هذا ما لا يظنه عالم.