مالك: من نذر اعتكاف ليلة لزمه يوم وليلة. وقال سحنون: لا شىء عليه إن نذر اعتكاف ليلة؛ لأنه لا صيام فى الليل، قال: ومن نذر اعتكاف يوم لزمه يوم وليلة، ويدخل اعتكافه قبل غروب الشمس من ليلته، وإن دخل قبل الفجر لم يُجْزِهِ، وإن أضاف إليه الليلة المستقبلة. وقوله عليه السلام: (أوف بنذرك) محمول عند الفقهاء على الحض والندب لا على الوجوب؛ بدلالة أن الإسلام يهدم ما قبله، وقد حمل الطبرى قوله عليه السلام: (أوف بنذرك) على الوجوب وقال: إنما أمر النبى عليه السلام عمر بالوفاء فى الإسلام بنذر كان نذره فى الجاهلية إذ كان ذلك لله برا فى الإسلام، فالواجب أن يكون نظيره كل نذر نذره فى حال كفره مما هو طاعة فى الإسلام أن عليه الوفاء لله به فى حال إسلامه قياسًا على أمره عليه السلام عمر أن يفى بنذره الذى كان نذره فى الجاهلية فى حال إسلامه، وسيأتى فى (كتاب الأيمان والنذور) من حمل ذلك على الوجوب، ومن حمله على الندب من العلماء، وبيان أقوالهم، إن شاء الله. قال المهلب: وفيه دليل على تأكيد الوفاء بالوعد؛ ألا ترى أنه أمره بالوفاء به وقد خرج من حال الجاهلية إلى حالة الإسلام، وإن كان عند الفقهاء أن ما كان فى الجاهلية من أيمان وطلاق وجميع العقود، فإن الإسلام يهدمها، ويسقط حرمتها.