لا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلا لِحَاجَةٍ إِذَا كَانَ مُعْتَكِفًا. قولها: (وكان يدخل البيت إلا لحاجة) تريد الغائط والبول، وهكذا فسره الزهرى وهو راوى الحديث، ورواه مالك عن ابن شهاب، عن عروة، عن عمرة، عن عائشة وقال فيه: (وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان) . وقال أبو داود: لم يتابع أحد مالكًا فى هذا الحديث على ذكره عمرة، واضطرب فيه أصحاب ابن شهاب، فقالت طائفة عنه عن عروة، عن عائشة وكذلك رواه ابن مهدى عن مالك، وقالت طائفة: عن عروة وعمرة جميعًا عن عائشة. وكذلك رواه ابن وهب عن مالك، وأكثر الرواة عن مالك عن عروة، عن عمرة، فخطؤه فى ذكر عمرة. قال المؤلف: ولهذه العلة والله أعلم لم يدخل البخارى حديث مالك، وإن كان فيه زيادة تفسير، لكنه ترجم للحديث بتلك الزيادة إذ كان ذلك عنده معنى الحديث. وقولها: (وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان) يدل أن المعتكف لا يشتغل بغير ملازمة المسجد للصلوات وتلاوة القرن وذكر الله، ولا يخرج إلا لما له إليه حاجة، وفى معنى ترجيل رأس رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جواز استعمال الإنسان كل ما فيه صلاح بدنه من الغذاء وغيره، ومن جهة النظر أن المعتكف ناذر جاعل على نفسه المقام فى المسجد لطاعة الله، فواجب عليه الوفاء بذلك، وألا يشتغل عنه بما يلهيه، ولا يخرج إلا لضرورة كالمرض البيّن، والحيض فى النساء، وهذا فى معنى خروجه لحاجة الإنسان. واختلفوا فى خروجه لما سوى ذلك، فروى عن النخعى والحسن البصرى وابن جبير أن له أن يشهد الجمعة، ويعود المرضى، ويتبع الجنائز، وذكر ابن الجهم عن مالك أنه يخرج إلى الجمعة، ويتم اعتكافه فى الجامع. وقال عبد الملك: إن خرج إلى الجمعة فسد اعتكافه. ومنعت طائفة خروجه لعيادة المريض والجنائز، وهو قول