فعل ما ذكره فى الحديث أن يغفر له جميع الذنوب: صغيرها وكبيرها؛ لأنه لم يستثن ذنبًا دون ذنب، وفى الخبر أن القيام فى ليلة القدر أرجى منه فى غيرها من الليالى. وقوله: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ (روى سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: نزل القرآن جملة واحدة فى ليلة القدر فى شهر رمضان إلى السماء الدنيا، فجعل فى بيت العزة، ثم نزل على النبى (صلى الله عليه وسلم) فى عشرين سنة. وقال ابن عباس أيضًا: أنزل الله القرآن جملة واحدة فى ليلة القدر إلى السماء الدنيا، فكان يمواقع النجوم، فكان الله ينزله على رسوله بعضه فى إثر بعض، فقالوا: (لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً) [الفرقان: 32] . وذكر ابن وهب، عن مسلمة بن على، عن عروة قال: (ذكر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أربعة من بنى إسرائيل فقال: اعبدوا الله ولم يعصوه طرفة عين، فذكر أيوب، وزكريا، وحزقيل، ويوشع بن نون، فعجب أصحاب النبى (صلى الله عليه وسلم) من ذلك، فأتاه جبريل فقال: يا محمد، عجبت أمتك من عبادة هؤلاء النفر ثمانين سنة لم يعصوا الله طرفة عين، فقد أنزل الله عليك خيرًا من ذلك، ثم قال: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ (هذا أفضل مما عجبت منه أنت وأمتك، فَسُرَّ بذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والناس معه) . قال مالك: وبلغنى عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: من شهد العشاء ليلة القدر فقد أخذ بحظه منها. وقال ابن عباس: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) [الدخان: 4] قال: يكتب فى أم الكتاب فى ليلة القدر ما يكون من السنة إلى السنة. وقال مجاهد: ليلة القدر