وقد تقدم معنى قوله عليه السلام: (خشيت أن يفترض عليكم) فى باب (تحريض الرسول على صلاة الليل والنوافل من غير إيجاب) فى آخر كتاب الصلاة، فأغنى عن إعادته، وكذلك تقدم فى باب (قيام النبى بالليل فى رمضان وغيره) واختلافهم فى عدد القيام فى رمضان، ونذكر منه هنا طرفًا لم يمض هناك، وهو أن قول عائشة: (لم يكن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يزيد فى رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة) . فهذه الرواية مطابقة لما روى مالك عن محمد ابن يوسف، عن السائب بن يزيد قال: أمر عمر، رضى الله عنه، أبىَّ بن كعب وتميمًا الدارى أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة. وقال الداودى وغيره: وليست رواية مالك عن السائب بمعارضة برواية من روى عن السائب ثلاثًا وعشرين ركعة، ولا ما روى مالك عن يزيد ابن رومان قال: (كان الناس يقومون فى رمضان بثلاث وعشرين ركعة) معارضة لروايته عن السائب؛ لأن عمر جعل الناس يقومون فى أول أمره بإحدى عشرة ركعة كما فعل النبى عليه السلام وكانوا يقرؤن بالمئين ويطولون القراءة، ثم زاد عمر بعد ذلك فجعلها ثلاثًا وعشرين ركعة على ما رواه يزيد بن رومان، وبهذا قال الثورى، والكوفيون، والشافعى، وأحمد، فكان الأمر على ذلك إلى زمن معاوية، فشق على الناس طول القيام لطول القراءة، فخففوا القراءة وكثروا من الركوع، وكانوا يصلون تسعًا وثلاثين ركعة، فالوتر منها ثلاث ركعات، فاستقر الأمر على ذلك وتواطأ عليه الناس، وبهذا قال مالك، فليس ما جاء من اختلاف أحاديث قيام